التعريف بالزراعة الرقمية

الزراعة الرقمية

ما المقصود بتعبير تقنيات المعلومات والاتصالات؟ ما المقصود بتعبير الزراعة الرقمية؟ يهدف هذا المقال إلى التعريف بالمصطلحات الأساسية المتعلقة بالزراعة الرقمية والتوجيهات اللازمة لتطبيقها بشكل ناجح بناءً على الدروس المستفادة من الخبراء في هذا المجال.

ما المقصود بتقنيات المعلومات والاتصالات (ICT)؟

بشكل مبسط، تتضمن تقنيات المعلومات والاتصالات أية تجهيزات أو أدوات أو تطبيقات تسمح بتبادل أو جمع المعلومات بشكل رقمي، إما من بشكل تفاعلي أو من خلال إرسالها عن بعد. وهي تشكل التعبير العام الذي ينطوي تحته أية تقنية أو آلة ابتداءً من الراديو وصولاً إلى صور الأقمار الصناعية مروراً بالهواتف النقالة أو التحويلات النقدية الإلكترونية.

ماهي الزراعة  الرقمية؟

تشير الزراعة الرقمية التي تعرف في بعض الأحيان أيضاً باسم “الزراعة الذكية” أو “الزراعة الإلكترونية”، إلى استخدام التقنيات الرقمية في الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، ابتداءً من مرحلة الزراعة وصولاً إلى المستهلك. ويمكن لتلك التقنيات أن توفر الصناعة الزراعية بالأدوات والمعلومات اللازمة لصنع القرار بشكل يستند إلى المعلومات المتوفرة، وتقليص المخاطر وتحسين الإنتاجية. وتؤثر الزراعة الرقمية على كامل سلسلة القيمة في مجال الزراعة (بشقيها النباتي والحيواني)، قبل وأثناء وبعد الإنتاج الزراعي.

الزراعة الرقمية هي استخدام التقنيات الرقمية لتحقيق التكامل في الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني من المزرعة وحتى المستهلك.

لعبت المعلومات والاتصالات دوراً هاماً في الزراعة منذ الأزل. فمنذ أن بدأ الناس بإنتاج المحاصيل وتربية الحيوانات وصيد الأسماك، كانوا دائماً يحصلون عن المعلومات من بعضهم البعض أو عن طريق الخبراء. ما هي أكثر الاستراتيجيات فعالية في الزراعة في المناخ الجاف؟ من أين يمكنني شراء البذار أو الأعلاف المحسنة هذا العام؟ كيف يمكنني معالجة هذه الآفة؟ من هم الذين يدفعون أعلى الأسعار في السوق؟ كيف يمكنني تخزين محصولي دون الإساءة لجودته؟ ونادراً ما يجد المنتجون سهولةً في الحصول على الإجابات على مثل تلك الأسئلة، حتى ولو ظهرت أسئلة مماثلة موسماً بعد الآخر. وقد يكون المزارعون في قرية ما قد زرعوا المحصول “ذاته” منذ قرون، ولكن مع مرور الوقت وتغير الأنماط المناخية وظروف التربة والأمراض والآفات والحشرات، التي تظهر وتزول، فإن تحديث معلومات المزارعين يسمح لهم بالتكيف مع تلك التغيرات وحتى الاستفادة منها. هنالك الكثير من التحديات في توفير تلك المعلومات، ولكن، ونظراً لطبيعة الزراعة التي تختلف بشكل كبير من مكان إلى آخر، فإن ذلك يعني أنه يجب تعديل المعلومات بما يتماشى بشكل خاص مع الظروف المختلفة لكل منطقة على حده. يبحث المتعاملون بالزراعة من القطاعين العام والخاص عن حلول ناجعة لمعالجة التحديات قصيرة الأجل وطويلة الأجل على حد سواء، بما في ذلك كيفية الاستجابة للاحتياجات المتزايدة للمزارعين من المعلومات. وتشكل تقنية المعلومات والاتصالات أحد هذه الحلول التي أظهرت مؤخراً إمكانات كبيرة لتحسين الزراعة في الدول النامية على وجه التحديد. ومع انتشار استخدام الهواتف النقالة والاتصالات اللاسلكية والإنترنت، فقد أصبحت تقنية المعلومات والاتصالات أكثر قرباً من المزارعين الفقراء والنشاطات التي يمارسونها.

يجب أن يدرس خبراء الزراعة الرقمية الأدلة المتعلقة بتأثير استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات والتقنيات الرقمية على التنمية الزراعية وتخفيض الفقر الريفي.

الأدوات الرقمية كوسيلة لتحقيق الأهداف الزراعية

من المهم أن نتذكر دائما أن التقنيات الرقمية تشكل وسيلة، وليس غاية في مجال التنمية الزراعية. فالحماس الناجم عن أية تقنية جديد عند انتشارها في الدول النامية، غالباً ما يحجب الحقيقة القائلة بأن المساهمة في الزراعة غالباً ما تتطور بشكل سريع وتكون ضعيفة الفهم. و مع وجود الأدلة الواضحة على الأثر الإيجابي لهذه التقنيات، فلايزال هناك أسئلة حول كيفية جعل هذه الابتكارات قابلة للتكرار والتعميم على نطاق أوسع وأكثر تنوعاً. وبالتالي، فمن الضروري أن يبحث خبراء الزراعة في آثار تقنيات المعلومات والاتصالات والتقنيات الرقمية على التنمية الزراعية وتخفيض الفقر الريفي واستكشاف الفرص للتوسع في استخدامها على المدى الطويل.

أمثلة عن الزراعة الرقمية

فيما يلي بعض عناوين الزراعة الرقمية والتي يعكس كل منها نطاقاً واسعاً من التطبيقات التي يمكن تعديلها حسب احتياجات الجهات المعنية:

  • ضبط دقة المياه والأسمدة
  • مراقبة والتنبؤ ولإنذار بحالة الطقس
  • مراقبة ومتابعة الثروة الحيوانية
  • مراقبة ضبط مناخ البيوت البلاستيكية
  • الأسواق المفتوحة لبيع المحاصيل وتبادلها (السوق الزراعي الإلكتروني)
  • استخدام الطائرات المسيرة للكشف عن الآفات مشاكل المحصول الأخرى
  • نظم الإنذار المبكر عن الأمراض والآفات

الزراعة الرقمية: دروس مستفادة

يتطلب استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات لتحقيق أهداف التنمية الزراعية وجود استثمارات تكميلية وموارد واستراتيجيات اضافية. ويساعد تطبيق السياسات المرنة والداعمة والاستثمارات في البنية التحتية المادية ودعم المزارعين من ذكور وإناث ومن مختلف الشرائح العمرية وملاءمة التقنيات والبيئات التمكينية للابتكارات والأعمال الجديدة على تحديد الآثار طويلة المدى والقدرة على استدامة تلك الجهود.

يعتبر استخلاص الدروس من تنفيذ مشاريع الزراعة الرقمية عملية مستمرة، وتشكل القائمة التالية دروساً أساسية تخضع للتطوير بشكل دائم، ويمكن أخذها بعين الاعتبار في الاستثمار في التدخلات المستقبلية.

التركيز على الطلب وليس على التقنية

من المهم أن يبدأ أي تدخل لتقنيات المعلومات والاتصالات في الزراعة بالتركيز على الحاجة التي يقتضي تلبيتها – ليس على الحاجة لاستخدام تلك التقنيات، وإنما احتياجات المستفيدين النهائيين، أي المزارعين. ويجب أن يركز المشروع على الأهداف الزراعية مثل توفير معلومات أفضل عن السوق، الحصول على الخدمات المالية الأفضل، النصائح اللازمة لإدارة المحصول والآفات، روابط أقوى في سلاسل القيمة الزراعية، وهكذا. وفي بعض الحالات، وعندما لاتشكل حلول تقنيات المعلومات والاتصالات وسيلة ناجعة لتلبية تلك الاحتياجات، فإن الزراعة الرقمية لا تشكل الحل الأمثل.

عندما لا يكون حل تقنيات المعلومات والاتصالات وسيلة ناجعة لتحقيق احتياجات المزارعين، فإن الزراعة الرقمية لا تشكل الحل الأمثل

ليس بالضرورة الحصول على الحل الأمثل في الزراعة الرقمية عبر استخدام أحدث وأعقد وأكثر التقنيات ابتكاراً

استخدام التقنيات الملائمة

إن الجاذبية التي تتمتع بها أحدث تقنيات المعلومات والاتصالات أو التقنيات الرقمية يمكن أن تؤدي إلى تفضيل استخدام أحدث التقنيات على حساب التقنيات القديمة (مثل الراديو)، ومع ذلك، فإن أحدث وأعقد التقنيات لاتعتبر هي التقنيات الأمثل على الدوام. وعلاوةً على ذلك، يكون في بعض الأحيان الدمج الإبداعي بين التقنيات (على سبيل المثال برامج الراديو مع برامج التواصل أو الرسائل الإلكترونية للحصول على آراء واقتراحات المزارعين) هو الحل الأمثل. ويجب أن يتم إجراء تقييم كامل للموازنة بين التكاليف الإضافية لاستخدام تقنية ما أو خدمة ما وبين الفائدة التي يمكن تحقيقها منها مقابل فوائد البدائل الأخرى (التقنية وغيرها).

التركيز على القدرة على الحصول على التقنية واستخدامها

من المهم عند تصميم مشاريع استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات في الزراعة أن نأخذ بعين الاعتبار أن الوصول إلى التقنية لا يعني فقط القرب المادي والقدرة على الوصول إلى البنية التحتية لتقنيات المعلومات والاتصالات والأدوات والخدمات، وإنما أيضاً القدرة على دفع تكاليف استخدامها وطرق استخدامها بما يتلاءم مع الظروف القيود المادية والبيئية والثقافية المحلية.

يجب أن تتم دراسة عملية خلط التقنيات الشخصية مع التقنيات العامة والتشاركية حسب احتياجات المنطقة والموارد المتوفرة فيها والتي تتغير مع مرور الوقت بحسب تطور الأجهزة والخدمات المتوفرة من ناحية التكنولوجيا والكلفة.

يجب أن تكون نماذج استخدام البنية التحتية لتقنيات المعلومات والاتصالات والأدوات والخدمات متناسبة مع الظروف المحلية والمادية والبيئية والثقافية

من المهم فهم الاقتصاد الزراعي المحلي والوطني والإقليمي لضمان عدم تسبب تقنيات المعلومات والاتصالات في تقليص مشاركة بعض شرائح المجتمع

تجنب توسيع الثغرة

في ظل بعض الظروف، يمكن للمشاريع الزراعية باستخدام تقنيات المعلومات والاتصالات أن تزيد الوضع سوءا بدلاً من التخلص من حالات انعدام العدالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بما فيها تلك التي توجد بين الرجال والنساء. ففي بعض المناطق، تواجه النساء أو المزارعون الفقراء صعوبات كبيرة في الحصول على أدوات وخدمات المعلومات والاتصالات. ويعتبر الفهم الكامل للاقتصاد الزراعي المحلي والوطني والإقليمي أمراً هاماً لضمان عدم تسبب مشاريع تقنيات المعلومات والاتصالات في تقليص مشاركة بعض شرائح المجتمع في سلاسل القيمة الزراعية.

توفير البيئة التمكينية المناسبة للإبداع

تشكل البيئة التمكينية المناسبة للإبداع في مجال البنية التحتية وأنماط الأعمال وتطبيقات الخدمات عاملاً أساسياً لنجاح أية مبادرة في مجال الزراعة الرقمية. ويعتبر التصميم الفعال والمتناسق والتنفيذ الشفاف للسياسات المناسبة والتعليمات التي توجه الاستثمارات وتوفير البنية التحتية اللازمة لتقنيات المعلومات والاتصالات والأدوات والخدمات اللازمة من الأمور الهامة للتمكين من تنفيذ تدخلات تقنيات المعلومات والاتصالات. عند العمل على توفير البيئة التمكينية لاستخدام تقنيات المعلومات والاتصالات يجب العمل على توفير الخدمات وتطبيق السياسات الفعالة والإجراءات المساعدة في عدد من المجالات الرئيسية الأخرى، مثل التمويل العام والخاص للبنية التحتية وبيئة الأعمال ودعم الابتكارات وحقوق الملكية؛ حيث يتطلب استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات في التدخلات الزراعية بيئة تنظيمية قوية ومرنة في آن واحد.

تشكل البيئة التمكينية للإبداع في استثمار البنية التحتية وأنماط الأعمال وتطبيقات الخدمات عاملاً أساسياً في نجاح أية مبادرة في مجال الزراعة الرقمية

تشكل الشراكات بين مختلف الأطراف من كلا القطاعين العام والخاص أمراً هاماً لضمان جودة المخرجات واستدامة نتائج الزراعة الرقمية

تطوير الاستدامة من خلال إقامة الشراكات

تعتبر الشراكات بين القطاعين العام والخاص حالياً أمراً هاماً للاستدامة طويلة الأجل للكثير من التدخلات التي تستخدم تقنيات المعلومات والاتصالات في الزراعة. وقد يحتاج القطاع العام، وخاصةً في الدول النامية، إلى التوجيه في توفير خدمات التقنيات. وفي حال واجه القطاع العام نقصا في الموارد المالية والبشرية، بالإضافة إلى كثرة الاحتياجات لدى العاملين في الزراعة، فستضعف قدرته على توفير ونشر الخدمات على مستوى مناسب. مع تدخل القطاع الخاص، يمكن توفير الخدمات الحكومية بشكل أكثر استدامة. وغالباً ما يكون هناك حاجة بشكل أو بآخر لإشراك الخبراء الفنيين الذين يتمتعون بالخبرة المطلوبة في مختلف المجالات بما فيها فرق عمل تقنيات المعلومات للصيانة الفنية والتصميم وحل المشكلات، صانعي السياسات من مختلف المستويات، المزارعين والمنظمات الفلاحية.

المراجع

Purdue University . (n.d.). Digital agriculture: Why the future is now. Retrieved 2021, from Pudue Agriculture: https://ag.purdue.edu/stories/digital-agriculture-why-the-future-is-now/

World Bank. (2017). ICT in Agriculture: Connecting Smallholders to Knowledge, (Updated Edition ed.). Washngton DC. doi:10.1596/978-1-4648-1002-2

Recommended Posts