التغير المناخي
يقصد بتغير المناخ التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس. ينتج عن حرق الوقود الأحفوري انبعاثات غازات الدفيئة التي تعمل مثل غطاء يلتف حول الكرة الأرضية، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة.
يمكن أن يؤثر تغير المناخ على صحتنا وقدرتنا على زراعة الأغذية، والسكن، والسلامة، والعمل. لقد ساءت الظروف مثل ارتفاع مستوى سطح البحر وتسلل المياه المالحة، والصقيع، والفيضانات، وحرائق الغابات، كما أن فترات الجفاف الطويلة تعرض الناس لخطر المجاعة.
تشمل أمثلة انبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب تغير المناخ ثاني أكسيد الكربون والميثان. تنتج هذه الغازات، على سبيل المثال، عن استخدام البنزين لقيادة السيارات أو الفحم لتدفئة المباني. يمكن أيضا أن يؤدي تطهير الأراضي من الأعشاب والشجيرات وقطع الغابات إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون. وتعتبر مدافن القمامة مصدرًا رئيسيًا لانبعاثات غاز الميثان. ويعد إنتاج واستهلاك الطاقة والصناعة والنقل والمباني والزراعة واستخدام الأراضي من بين مصادر الانبعاث الرئيسية.
ساهمت الممارسات الزراعيَّة الخاطئة بشكلٍ كبيرٍ في تسارع التَّغيُّر المناخيّ، وآثاره الكارثيَّة على الأرض. حيث تشكِّل غازات الكربون المنبعثة عن الزراعة نسبة 11% من الغازات المنبعثة في الكرة الأرضية، والذي يُعدُّ أحد العوامل الرئيسيَّة المسبِّبة لهذه الكوارث.
الزراعة وغازات الكربون
تعتبر الزراعة جزءً أساسيا من دورة الكربون، حيث أن النباتات تمتص ثاني أكسيد الكربون خلال عملية التركيب الضوئي. عندما تموت النباتات وتتحلل مكوناتها الحية، ينتقل جزء من الكربون المتحلل إلى الهواء ويبقى جزء منه في التربة. وتساهم الأعمال الزراعية التقليدية من استخدام الآليات الزراعية والحراثة وتسميد ورش المبيدات الحشرية والتعامل غير المنظم مع فضلات الثروة الحيوانية في إطلاق كميات أكبر من غازات الكربون والميثان.
تعمل المؤسسات الدولية ومراكز الأبحاث على زيادة كمية الكربون الذي يبقى في التربة عند تحلل النبات وتقليل الكربون المنبعث إلى الهواء، بالإضافة إلى التقليل من الغازات المنبعثة عن الأعمال الزراعية التقليدية. تسمى العمليات التي تحقق هذه الأهداف بممارسات امتصاص الكربون.
قسائم تعويض الكربون
أحد الطرق التي تبنتها المنظمات الدولية للتشجيع على تبني الممارسات التي تمتص الكربون من الجو (Carbon Sequestration) هي قسائم تعويض الكربون (Carbon Reset Credits).
قسائم تعويض الكربون هي شهادات تصدرها منظمات دولية متخصصة للمزارع أو المنشآت تحوي تفاصيل الكربون الذي تمتصه هذه المنشآت وذلك عبر زيارة خبراء للتَّأكُّد من جودة عمليات امتصاص الكربون في المزرعة وكمّيَّات الكربون الممتصَّة فيها. هذه القسائم هي وسيلة التبادل التي أقرتها اتفاقية باريس للمناخ.
ألزمت الحكومات و المنظمات الدولية المنشآت الصناعية و الزراعية التي تطلق غازات الكربون و لا تستطيع تغيير أسلوب عملها بشراء قسائم تعويض الكربون من المنشآت التي تمتص الكربون وذلك للتعويض عن كمية الكربون الذي تطلقه في الهواء و الأذى الذي تلحقه بالبيئة و المناخ.
تباع قسائم امتصاص الكربون وتشترى عبر أسواق أسهمٍ خاصَّة منتشرة في العالم و ترتفع أسعارها بشكل مضطرد سنويا.
شهادات تصدرها منظمات دولية متخصصة للمزارع أو المنشآت تحوي تفاصيل الكربون الذي تمتصه هذه المنشآت وذلك عبر زيارة خبراء للتَّأكُّد من جودة عمليات امتصاص الكربون في المزرعة وكمّيَّات الكربون الممتصَّة فيها
ممارسات امتصاص الكربون
اختارت شركة (الموارد الخضراء) أسلوب (الزراعة التجدُّدية Regenerative Agriculture) باعتباره أحدث مبادئ الزراعة الحديثة وأهمّها، والتي أثبتت قدرتها على التقليل من الانبعاثات الكربونية للزِّراعة إضافةً إلى امتصاص هذه الانبعاثات وتخزينها في التربة، وبالتالي فهي تعوض عن كمية الكربون الناتج من المنشآت الصناعية والزراعية التقليديَّة.
أثبتت مبادئ الزِّراعة التجدُّدية وممارساتها التي توصي بها، ملاءمتها للبيئة، مع المحافظة على إنتاجيَّة المحاصيل وزيادة جدوى الاستثمارات الزِّراعيَّة.
توصي الزراعة التجددية باعتماد قائمة الممارسات التالية التي أثبتت فعاليتها في امتصاص الكربون
- التقليل من أعمال حراثة التربة (الزراعة بدون حراثة)
- إيقاف استخدام الأسمدة ومبيدات الحشرات الكيميائية واستبدالها بالمواد وطرق التسميد والمكافحة الطبيعية
- إبقاء التربة مغطاة لأطول مدة ممكنة خلال دورة الزراعة عبر استخدام الزراعات البينية وغطاء التربة (الملش)
- إعادة جميع المواد الطبيعية الخارجة من التربة والتي لا تصلح للاستهلاك إلى التربة للحفاظ على المغذيات والمواد العضوية الموجودة فيها
- زيادة التنوع البيئي عبر الابتعاد عن مزارع النوع الواحد monoculture وتنويع المزروعات البينية
- استخدام الطرق الطبيعية و التقنيات الحديثة لترشيد استخدام الماء في الري وتقليل تبخره
- دمج تربية الثروة الحيوانية بزراعة المحاصيل
- التخفيف من الاعتماد على الوقود الأحفوري و التعويض عنه بوسائل الطاقات المتجددة
مؤسسات تجارة قسائم الكربون
تحتاج عملية الحصول على قسائم تعويض الكربون في أي مشروع إلى جهات دولية متخصصة ومعتمدة لتنفيذ عمليات تسجيل المشروع وأخرى للتفتيش والتحقق من جودة الكربون وكميته الممتصة ضمن المشروع وأخرى للتوسط المالي بين بائعي قسائم الكربون والمشترين
مؤسسات التسجيل Registrars
يتم تسجيل المشروع لدى هذه الشركات و تحصيل التصنيف العالمي للمشروع. يوجد 180 نوع من أنواع مشاريع تعويض الكربون يتم تصنيفها ضمن 8 أقسام رئيسية (ولدى بعض المؤسسات يوجد 4 أقسام رئيسية لهذه المشاريع)
مؤسسات التفتيش Auditors
تقوم هذه المؤسسات بأعمال التحقق والتدقيق للتأكد من الكميات المخططة و الفعلية للكربون الممتص ضمن المشروع. تزور المؤسسة المشروع وتصدر تقرير مفصل عن مطابقة فعاليات المشروع مع مقاييس شهادة الكربون
مؤسسات تقييم الجودة Rating Agencies
تجري هذه المؤسسات عمليات تقييم وقياس لمدى التعويض الذي استطاع هذا المشروع تحقيقه وكمية الكربون الذي امتصه من الهواء إلى التربة. وفق هذا التقييم، يحصل المشروع على درجة تقييم. تختلف درجات التقييم حسب المؤسسة. بعض المؤسسات يستخدم التقييم A, AA, AAA و بعضها يستخدم التقييم A, B, C, D
شركات الوساطة التجارية
بعد اكتمال عمليات التسجيل والتفتيش وتقييم الجودة، يحصل المشروع على قسائم تعويض الكربون ليبيعها، وهنا يأتي دور هذه الشركات. تتراوح هذه الشركات بين الأسواق الإلكترونية وأسواق الأسهم وشركات الوساطة المباشرة.
تتوسط هذه الشركات بين باعة قسائم تعويض الكربون و بين المشترين، حيث تشتري الشركات التي تتطلب أعمالها إطلاق كميات كبيرة من الكربون هذه القسائم للتعويض عن الضرر الحاصل بالبيئة بسبب أعمالها.
تقدم هذه المؤسسات القسائم إلى الجهات الحكومية و الدولية المتخصصة كدليل على تعويض إطلاق الكربون ، و تنتهي عندها صلاحية هذه القسائم.