الزراعة التجددية
الزراعة التجددية هي نهج متكامل يهدف لإعادة تأهيل الأنظمة الغذائية والزراعة والحفاظ عليها ويركز على تجديد التربة السطحية، وزيادة التنوع الحيوي، ويسعى لتحسين دورة المياه، وتعزيز مكونات النظام البيئي، وزيادة المرونة في مواجهة التغيرات المناخية، وبما يضمن تقوية صحة وحيوية التربة الزراعية، تشمل ممارسات هذا النهج إعادة تدوير أكبر قدر ممكن من مخلفات المزرعة وإضافة القليل من الأسمدة الطبيعية من مصادر خارجها.
ماهي الزراعة التجددية؟
تتضمن الزراعة التجددية منهجية متنوعة لعدة أنظمة زراعية نظيفة منها: نظام الزراعة العضوية، والزراعة الحراجية، وبشكل يسعى ويحقق خفض انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي (CO2) من خلال عزل وتخزين الكربون ضمن الكتلة الحيوية للتربة والأنسجة النباتية بالاعتماد على تغيير طرق وأساليب الزراعة المختلفة،
ومن الممكن التخفيف من آثار الاحتباس الحراري بدلاً من المساهمة فيه، ويمكن للمزارعين تبني ممارسات جديدة بسرعة نسبية وبتكلفة زهيدة باستخدام تقنيات منخفضة التكلفة.
تساعد الزراعة التجددية في عزل و تخزين الكربون داخل التربة بدلا من إطلاقه في الجو، و بالتالي تساهم في التقليل من التغير المناخي
يكمن مفتاح عزل الكربون بشكل أكبر وأكثر استقراراً في معالجة المواد العضوية في التربة، ونظراً لأن المادة العضوية في التربة عبارة عن كربون في المقام الأول، فإن الزيادات في هذه المستويات سترتبط ارتباطًا مباشرًا بعزل الكربون.
تعمل الممارسات الزراعية التقليدية السائدة والتي تستخدم المدخلات الاصطناعية عادة على استنزاف المادة العضوية الموجودة، بينما تعمل ممارسات الزراعة التجددية بما فيها من تكامل الإنتاج النباتي والحيواني، على بنائها وتحسينها وزيادة نسبتها.
ولابد من الإشارة الى انه وقبل تحويل الغابات إلى الزراعات الحقلية، كانت نسبة المادة العضوية في التربة تعادل عموماً نحو 6-10٪ من حجم التربة، بينما هي الآن نحو 1-3٪ من المستويات النموذجية لأنظمة الحقول الزراعية الحالية.
إن إدراج زراعة الأشجار باختلاف انواعها في الزراعة سوف يعمل على اقتناص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وإعادة الكربون إلى التربة على شكل كتلة حيوية، وبالتالي فإن الزراعة التي تهيمن عليها الأشجار تتمتع بقدرة أكبر على عزل الكربون من قياسات الكتلة الحيوية الموجودة فوق سطح الأرض.
مبادئ الزراعة التجددية
تعتمد الزراعة التجددية على خمسة مبادئ أساسية هي:
- المبدأ الأول وهو (التزويد الذاتي) بحيث تشكل المزرعة نظام حيوي متكامل يخزن الكربون من خلال استخدام وزراعة المحاصيل ذات الاستخدام المزدوج، ولهذا المبدأ مكونان هما:
- المكون الأول: تأمين احتياجات القائمين على المزرعة من منتجاتها.
- المكون الثاني: أن تكون المزرعة قادرة على تكوين كتلة حيوية غنية بالكربون فيها ويمكن أن يتم ذلك بالمحاصيل ذات الاستخدام المزدوج التي توفر الغذاء للإنسان و توفر مواد عضوية لتصنيع الكومبوست.
- المبدأ الثاني (تحقيق الاكتفاء الذاتي للمزرعة ثم البيع) حيث يقوم المزارع بتغطية احتياجاته أولاً ثم يبيع الفائض وبالتالي تحقيق المزيد من المرونة والتكيف وانخفاض نسبة التعرض بشكل أكبر للعوامل الخارجية وخطر الخسارة، عكس النمط التجاري والمزرعة الكبيرة التي تكون المزارع فيها مخصصة لبيع منتجاتها فقط.
- المبدأ الثالث : (الحلقة المغلقة) بمعنى انها تحول الفضلات والمخلفات والمنتجات الثانوية إلى مورد إضافي يستخدم في المزرعة نفسها.
- المبدأ الرابع : (استخدام الوقود الأحفوري بالحد الأدنى)، وهذا يساهم في الحد من التغيرات المناخية وتقليل الحاجة لاستخدام الأسمدة الكيميائية والآلات الزراعية، واستبدالها بالعمل اليدوي والطاقات المتجددة، وأيضا اتباع نظام تزويد بحيث يتم توجيه منتجات المزرعة للأسواق المحلية الموجودة في المنطقة نفسها، بدلاً من التوجه للأسواق والمناطق البعيدة، وبذلك توفير كبير للوقود الأحفوري المستخدم بالنقل.
- المبدأ الخامس: (المزرعة جزء من النظام البيئي) بحيث ننظر للتربة كنظام بيئي غني بالحياة والتنوع الحيوي وكذلك ننظر للمزرعة كنظام بيئي أكبر من التربة.
الهدف من الزراعة التجددية
تهدف الزراعة التجديدية إلى المحافظة على النظم الغذائية والزراعية، وإعادة تأهيلها، من خلال تجديد التربة السطحية، وزيادة التنوع الحيوي، وتحسين دورة المياه، وتعزيز خدمات النظم البيئية، ودعم التفكك العضوي، وزيادة القدرة على التكيف مع تغير المناخ.
وتتضمن الزراعة التجديدية كذلك ممارسات مستدامة تقوم على مبادئ الاقتصاد الدائري في إعادة تدوير أكبر قدر ممكن من مخلفات المزرعة، وإضافة سماد عضوي من خارجها، ومن الأمثلة فيها هو التكامل القائم بين إدارة الثروة الحيوانية وزراعة المراعي، حيث توفر الأولى السماد، فيما توفر الثانية العلف.
وبعيداً عن الجدل حول قدرة التربة الزراعية على تخزين الكربون من أجل تخفيض درجة حرارة الكوكب، فإن ممارسة الزراعة التجددية، عبر تجنب حراثة الأرض وزراعة محاصيل التغطية، أثبتت جدواها في تلطيف الآثار الحالية للتغيرات المناخية، من خلال إنقاص الجريان السطحي للمياه، والحد من تآكل التربة، وإقلال العواصف الغبارية، وهي من جانب آخر تحسن إنتاجية المحاصيل وتزيد من كفاءة بعض العمليات الزراعية، وتثمر ربحاً مباشراً يحفز المزارع على تبنيها.
فوائد الزراعة التجددية
تعتمد الزراعة التجددية على المدخلات من الأرض نفسها والتي يسهل الحصول عليها، ولها العديد من الفوائد التي تشمل:
- الاستفادة القصوى من الأرض، حيث يستخدم مجموعة متنوعة من الأشجار والمحاصيل والنباتات وضمن زراعة كثيفة غير مجهدة للتربة.
- عدم الاعتماد على محصول واحد فقط وبالتالي انخفاض المخاطر الممكن حدوثها.
- زيادة الأمن الغذائي والوجبات الغذائية المتنوعة والمغذية والخالية من المواد الكيميائية.
- إدارة محسّنة للمياه والتقليل من تأثير الجفاف أو الفيضانات او الكوارث الاخرى.
- زيادة المادة العضوية في التربة مما يقلل من تآكلها وانجرافها، كما تقلل من تبخر الرطوبة منها وتزيد من محتواها الرطوبي.
- زيادة تسرب ورشح المياه ضمن التربة وبالتالي إعادة تغذية المياه الجوفية.
- انخفاض تكلفة الإنتاج حيث يتم الحصول على جميع المدخلات من حديقة المزارع أو بالقرب منها.
- تفتح أسواق جديدة للأغذية العضوية النظيفة.
كما ان لها العديد من الإيجابيات الاجتماعية ومنها:
- مشاركة أكبر للعمل العائلي الاسري في الزراعة كونها تعتمد العمل العضلي اكثر من الميكانيكي.
- الكم الأولي الكبير للعمل المزرعي، ولكنه بالمقابل هو استثمار لمرة واحدة فقط من حيث الوقت والطاقة.
- يمكن لأي شخص الانخراط في الزراعة المتجددة ، بغض النظر عن مساحة حديقة المزرعة.
مقارنة بين الزراعة التقليدية والزراعة التجددية
وجه المقارنة | الزراعة التقليدية | الزراعة التجددية المستدامة |
الممارسات الزراعية والإنتاج | • زيادة الانتاج على حساب زيادة حجم المدخلات الزراعية من اسمدة ومبيدات وتقنيات حديثة. • تكثيف زراعي واستخدام الهجن والاصناف المعدلة وراثياً للحصول على انتاج زراعي غزير وبنوعية ومواصفات واحدة | • زيادة الانتاج بناءً على الاستثمار الامثل للموارد الطبيعية والمدخلات الزراعية العضوية. • تكثيف زراعي محدود مع تنوع محصولي متجانس وفق المتاح من الموارد واستخدام تقنيات تضمن الحفاظ على موارد البيئة واستدامتها…للحصول على انتاج زراعي غزير وبنوعية مميزة صحياً وبيئياً |
الامن الغذائي | • توفير كميات كبيرة من المنتجات الزراعية الغذائية والعلفية من وحدة المساحة. • عدم تجانس مكونات الأغذية الناتجة، ووجود نسب متراكمة من الأثر المتبقي للكيماويات في التربة والمياه والمنتجات. | -زيادة الإنتاج الزراعي من وحدة المساحة وضمن حدود حمولة التربة والموارد المتوفرة. -تجانس المكونات الصحية للأغذية المنتجة…وتحسن في طعمها ولونها ومكوناتها الحيوية المفيدة للإنسان. |
صحة البيئة | • استنزاف للموارد الطبيعية من تربة ومياه ومصادر وراثية • الاضرار بالتنوع الحيوي النباتي والحيواني • زيادة التدهور الوراثي للنباتات | • تعزيز صحة وسلامة واستدامة الموارد الطبيعية من تربة ومياه وزيادة التنوع الحيوي • تنمية وتحسن الصفات الوراثية الجيدة للسلالات المحلية وزيادة تنوعها. |
سلامة الكوكب | • التصحر التدريجي واحتباس الامطار. • انجراف التربة وتدهورها لتصبح وسط ميت حامل للنبات فقط. | • تشجيع تكون المضخة الحيوية • الحفاظ على التربة وحيويتها وزيادة انتاجيتها…..لتصبح وسط حي يساهم في صحة الكوكب ككل واستدامة الزراعة والانتاج. |